657- نشيد الأناشيد عظة (57)
(20/8/2025م)
"أنَا ..سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ"
(نشيد2: 1)
زهرة السوسن
أولاً في روعة جمالها
*******
(1) مرحبا بكم أيها الأحباء المشاهدين في الحلقة (657) من "برنامج حياتك الروحية" على الهواء مباشرة، من قناة الفادي الفضائية.
(2) دعونا ندخول إلى حضرة الرب بجزء من ترنيمة:
1- ربى اجذبني وراك فأجرى
(قدس حياتي حياتي [قلبي وفكري]2)2
2- أدخلني الملك إلي حجاله
فسر قلبي قلبي [إذ رأى جماله]2)2
3- قد كنت سودا كخيام قيدار
(ألبسني ربى ربى [كل الأنوار]2)2
4- أنا جميلة مع كوني سودا
(يسوع ربى ربى [هو جمالي]2)2
5- شمس التجارب قد لوحتنى
(لكن يسوع يسوع [أبدا ما تركني]2)2
6- قد تركتني كل البرية
(وبنوا أمي أمي [غضبوا على]2)2
7- لما رآنا في الدنيا حزانى
(فتش علينا علينا [مات وأحيانا]2)2
8- يسوع بقربي يسوع في قلبي
(يا لسروري سروري [بيسوع ربى]2)2
********
(3) بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين: .....
(4) أحبائي المشاهدين كان تأملنا في الحلقة الماضية عن: النصف الأول من أول آية في الإصحاح الثاني من سفر نشيد الأناشيد. ورأينا أوجه الشبه بين المسيح وزهرة النرجس.
(5) واليوم نستكمل تأملاتنا عن النصف الثاني من الآية لنرى أوجه الشبه بين المسيح وزهرة أخرى هي زهرة السوسن، في قوله: "أنا سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ".
(6) وإليكم صورة زهرة السوسن:
(7) فما هي أوجه الشبه بين السيد المسيح وبين زهرة السوسن: هناك أوجه كثيرة منها: أن المسيح يشبه هذه الزهرة:
- في روعة جمالها.
- وفي عبير رائحتها.
- وفي قوة احتمالها.
- وفي تواضع ذاتها.
*******
(8) أولا: في روعة جمالها.
- لون هذه الزهرة يجمع بين اللون الأبيض والأصفر.
- فالبياض رمز للاهوت المسيح، والأصفر رمز لناسوته.
- فالمسيح المتجسد لا مثيل له، كما عبر عنه داود النبي في:
- (مز45: 2) "الأبرع جمالا من بني البشر"
- وقال عنه بولس الرسول في: (1تي3: 16) "اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ"
- وقال أيضا في: )كو2: 9) "فإنه فيه يحلكل ملء اللاهوت جسديا"
(9) أولا: عقيدة التجسد الإلهي:
[1] عقيدة التجسد الإلهي ليست مجرد فكرة لاهوتية نظرية نؤمن بها، بل حقيقة معاشة ينبغي أن يحياها المؤمن يوميًا، بل هي أساس عملي يمس قلب المؤمن وسلوكه.
[2] وتُعتبر عقيدة التجسد الإلهي في المسيح حجر الزاوية في الإيمان المسيحي فهي تعلن أن الكلمة الأزلي "أخذ جسدًا وصار إنسانًا لأجل خلاصنا "(يوحنا1: 14)
[3] وقد لعبت هذه العقيدة دورًا محوريًا في مجامع الكنيسة الأولى:
1- مجمع نيقية: 325م، أكد ألوهية الابن ضد بدعة آريوس.
2- مجمع القسطنطينية: 381م شدد على كمال ناسوت المسيح.
3- مجمع أفسس: 431م أعلن وحدة شخص المسيح ومنح العذراء لقب "والدة الإله"
(10) ثانيا: الفوائد الروحية التطبيقية في حياة المؤمن من هذه العقيدة:
[1] اتحاد الله بالإنسان:
1- في التجسد صار الله قريبًا جدًا من الإنسان، ليس فقط في فكره أو محبته، بل في شخصه، إذ أن "الكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا" (يو1: 14).
2- في صلاة الصلح بالقداس الإغريغوري يصلي الكاهن قائلا: "وعند صعودك إلى السماوات جسديا .. ملأت الكل بلاهوتك"
3- ويقول بولس الرسول في: (1كو3: 16)" أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟
4- ويقول الرب يسوع المسيح في: (يو14: 23)" إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً"
5- ويقول بطرس الرسول: (2بط1: 4) "اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ"
6- قال أحد الروحانيين: "في التجسد نرى الله ليس بعيدًا، بل حاضرًا في زماننا، بل وفي ضعفنا البشري."
5- هذا يعلّم المؤمن أن الله ليس بعيدًا عن ضعفه وآلامه، بل قد دخل المسيح في عمق الخبرة الإنسانية ليصير شريكًا للإنسان، فيستطيع أن يتكلّم مع الرب بحرية ويشعر أن له أبًا متعاطفًا.
[2] قداسة الجسد والحياة العملية
1- بتجسد المسيح صار الجسد هيكلا للروح القدس: (1كو 6: 19) "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس."
2- القديس كيرلس الكبير: "لقد اتخذ المسيح جسدًا مثلنا ليقدّس الجسد ويجعله أداة بر"
3- البابا شنوده الثالث: "التجسد أعطى كرامة للجسد، فلم يعد مجرد أداة خطية، بل صار هيكلا مقدسا لله."
4- عمليًا، هذا يدعو المؤمن أن يحيا في الطهارة والقداسة، وألا يستعمل جسده للخطية بل كأداة بر لخدمة لله.
[3] نموذج الحياة الكاملة
1- المسيح المتجسد قدّم لنا صورة عملية للحياة بحسب إرادة الله: في التواضع، والمحبة، والخدمة، والطاعة حتى الموت. "من قال إنه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضًا" (1يو 2: 6).
2- القديس يوحنا الذهبي الفم: "المسيح المتجسد أرانا في نفسه كيف نعيش البر والتواضع والطاعة."
3- توما الأكويني: "المسيح في تجسده قدّم المثال الكامل للحياة الفاضلة، التي ينبغي للمؤمن أن يحتذي بها."
4- هذا يحفّز المؤمن أن يقتدي بالمسيح في التواضع والمحبة والطاعة حتى الموت.
[4] التعزية في التجارب:
1- المسيح اشترك في آلامنا وتجاربنا: "في ما هو قد تألم مجرَّبًا يقدر أن يعين المجرَّبين" (عب2: 18).
2- قال القديس غريغوريوس النزينزي: "أخذ المسيح كل ضعفنا، ليعزي المجربين"
3- لهذا المؤمن لا يشعر بالوحدة في آلامه، بل يرى أن الرب دخل قبله إلى وادي الدموع ليعزيه ويقويه. فهذا يمنح المؤمن تعزية أكيدة في وسط الضيقات لأنه يعرف أن المسيح شاركه فيها قبله.
[5] رفع قيمة الإنسان:
1- بالتجسد اتحد اللاهوت بالناسوت، فصار للإنسان كرامة جديدة، وفتح له طريق البنوة لله.
2- (غلاطية4: 4 و5) "لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة... لننال التبني."
3- القديس إيرينيؤس*: "ابن الله صار ابن الإنسان ليجعل الإنسان ابنًا لله."
4- هذا يزرع في قلب المؤمن روح الرجاء والثقة، فلا يستهين بنفسه ولا يحيا في شعور بالذنب المستمر، بل في نعمة الغفران والقبول، وثقة البنوة والكرامة أمام الله.
[6] الشركة الحقيقية مع الله:
1- التجسد أتاح للمؤمن أن يدخل في شركة مباشرة مع الله في المسيح: في الصلاة، في الأسرار المقدسة، في الإفخارستيا: )يوحنا15: 4) "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم."
2- القديس كيرلس الأورشليمي: "في المسيح نصير شركاء الطبيعة الإلهية في سر الإفخارستيا."
3- عمليًا هذا يعمّق حياة العبادة اليومية، فيدرك المؤمن أن كل سجدة أو صلاة هي لقاء حي مع الله المتجسد. وهذا يجعل المؤمن يحيا في عبادة حقيقية.
[7] رسالة المحبة والتواضع:
1- التجسد إعلان محبة الله العظمى: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16)
2- ويقول في: (فيلبي2: 7 و8) "أخلى نفسه آخذًا صورة عبد... وأطاع حتى الموت موت الصليب."
3-القديس أغسطينوس: "بتواضع المسيح تعلمنا أن الطريق إلى المجد يمر عبر التواضع والمحبة."
4-البابا شنوده الثالث: "تجسد الله إعلان للمحبة الكاملة، فعلينا أن نترجم هذا في محبة عملية للآخرين."
5- من ثم يُلزم التجسد المؤمن أن يعيش في محبة عملية متواضعة تجاه الآخرين، متشبهًا بالمسيح الذي "أخلى نفسه" (في 2: 7).
(11) الخاتمة:
إيمان المؤمن بعقيدة التجسد يفتح أمامه أفقًا جديدًا للحياة الروحية ويغيّر حياته من الداخل:
- يجعله يعيش في: ثقة بالحب الإلهي، والاتحاد به.
- وقداسة في الجسد والروح،
- وقوة للطهارة،
- وتعزية في التجارب والآلام،
- ولقاء حي مع الله المتجسد.
- وقدوة في الطاعة والتواضع،
- ورجاء في البنوة والمجد الأبدي، كما قال الرب يسوع: "أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يوحنا10: 10),
(12) صلاة ختامية:
"يا ربنا يسوع المسيح، الكلمة الذي صار جسدًا لأجل خلاصنا،
نشكرك لأنك اقتربت إلينا، ورفعتنا من ضعفنا إلى مجد البنوة.
امنح عبيدك أن نختبر في حياتنا قوة تجسدك،
فنحيا في طهارة الجسد، وتعزية الروح، ومحبة الآخرين، ورجاء المجد الأبدي.
ولتضيء بنعمتك طريقنا دائمًا.
لك المجد والإكرام مع الآب الصالح والروح القدس،
الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور. آمين."
====================================================
(13) وإلى اللقاء في الحلقة القادمة لنستكمل تأملاتنا عن بقية أوجه الشبه بين السيد المسيح وزهرة السوسنة:
2- وفي عبير رائحتها.
3- وفي قوة احتمالها.
4- وفي تواضع ذاتها
******
(14) ونأتي الآن إلى تمجيد الله من خلال الاستماع إلى اختبارات بعض العابرين.
- إختبارات العابرين والعابرات
(15) تفضل عزيزي المخرج أرنا عمل الله.
- (تعرض على الشاشة بعض الاختبارات)
- المداخلات
(16) والآن إلى الفقرة المحببة لنفسي وهي مداخلاتكم.
(17) ما هو الأمر الذي تكلم به الروح القدس إليك من خلال هذه الحقائق؟
- الختام
(18) شكرا جزيلا لله، وشكرا لكم جميعا أيها الأحباء المشاهدين ولنرفع صلاة في الختام.
(19) البركة الختامية:
محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم. آمين.